بشأن تغسيل الميت الذي مات بمرض فيروس كورونا والصلاة عليه

اضغط هنا للتنزيل

اخذت هذه الفتوى بتاريخ 26 مارس 2020 الموافق 2 شعبان 1441هـ

لا خلاف بين أهل العلم أن من حقوق المسلم إذا مات أن يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن وأن تغسيله وتكفينه من فروض

الكفاية على الراجح من الأقوال عند عدم وجود المانع.

والوحيد الذي لا يغسل ويكفن بملابسه شهيد المعركة ويكفن بملابسه ويصلى عليه ويدفن. 

وأما الشهداء الآخرون كالمبطون والمطعون‏ والغريق وصاحب الهدم والنفساء وغيرهم مما ورد في الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإنهم يغسلون ويكفنون ويصلى عليهم بلا خلاف.

وقد يتعذر تغسيل الميت لأسباب كحرق الجثة أو تفسخها أو تضررها من استعمال الماء فإنه يصار إلى التيمم إن أمكن فإن لم يكن ممكنا صلي عليه ودفن من غير غسل ولا تيمم. فإذا أمكن صب الماء عليه فقط صب وإلا ييمم، وهذا أمر مجمع عليه.

وأما إن كان الموت بسبب فيروس كورونا أو مرض من الأمراض المعدية كالجذام والطاعون وغيرها بحيث لو غُسِّل لربما انتقل المرض إلى مُغَسِّلِهِ.

ولا بد من استشارة الأطباء والخبراء في المسألة ومعرفة مدى خطر انتقال العدوى للمغسل والميمم وغيره، ولا بد أن يكون الذي يتعامل مع هذه الحالات من أهل الخبرة والمعرفة.

فإذا ثبت وجود خطر على المغسل أو عند عدم وجود المختص الذي لديه الخبرة في التعامل مع مثل هذه الحالات أو لم تتوفر الوسائل الوقائية المناسبة للتعامل مع هذه الحالات، أما إذا أكد الخبراء الطبيون خطر الغسل في هذه الحالة فينتقل الحكم إلى ما يقوم مقام الغسل وهو التيمم مع اتخاذ وسائل الحماية اللازمة وارتداء الملابس الواقية. ويتم نزع الملابس عن الميت إذا لم يكن هناك خطر من ذلك، وأما إذا تأكد وجود خطر من نزع الملابس عنه، فإنه يدفن في ملابسه ولا يغسل ولا ييمم، ولا حرج على الميت ولا على أهله ولا على المسلمين، فإن الواجب يسقط مع العجز، ويقول المولى عز وجل: {يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}. البقرة: 185، ويقول سبحانه: {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ}. التغابن 16، ويقول صلى الله عليه وسلم: (ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم). ويقول صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) رواه مالك في الموطأ وابن ماجه 

وكل ذلك بحسب القدرة والإمكان، والميسور لا يسقط بالمعسور، بمعنى ما البدل الممكن يقوم مقام الأصل، وإذا تعذر سقط. فإذا أمكن تغسيله مع الاحتياط والوقاية من نقل العدوى ذهبنا إليه، وأما إذا كان هناك توقع واحتمال ولو قليل فيجب الاحتياط بعدم تغسيله والانتقال إلى البديل وهو التيمم، وإلم يكن هناك مجال لتيميمه صرنا إلى حالة فاقد الطهورين للعذر ولا إثم في ذلك ولا حرج على الميت أبدا. 

ويجب أن يكون المغسل من أهل الخبرة ومعرفة سبل الوقاية والاسترشاد بقول الأطباء وما يجب عمله.

والمعلوم أن مصلحة الحي مقدمة على مصلحة الميت، ودرء المفسدة أولى من جلب المنفعة، ويصار إلى البدل عند عدم إمكان الأصل، ولا واجب مع العجز.

ويجب الصلاة على الميت بحسب الإمكان وأخذ الاحتياطات والتدابير، وتصح الصلاة بواحد واثنين، وتجوز صلاة الغائب عليه.

وهذا لا ينقص مقام الميت عند الله تعالى، ولا تكون سبب تشاؤم لأهل الميت، بل هذا قدر الله تعالى وهو مأجور وله أجر شهادة ما دام مات محتسبا مؤمنا، فعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: سألتُ رسول الله ﷺ عن الطاعون فأخبرني أنه: (ليس من أحدٍ يقعُ الطاعونُ فيمكث في بلده صابراً محتسباً، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر شهيد). رواه البخاري

وروى الإمام البخاري في صحيحه أيضا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطعُونُ، والمَبطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحِبُ الهَدمِ، والشهِيدُ في سَبِيلِ اللهِ).

 فنسأل الله أن يزيل هذه الغمة وان يصرف شرها عنا جميعا

وأن يأجرنا بالصبر والاحتساب والإيمان

اخذت هذه الفتوى بتاريخ 26 مارس 2020 الموافق 2 شعبان 1441هـ

Previous
Previous

صلاة التراويح والقيام والاعتكاف في رمضان في ظل فيروس كورونا

Next
Next

حكم اتباع إمام عن طريق التلفاز أو الانترنت أو الفيسبوك عن بعد