حرمة حرق جثة الميت بسبب الكورونا
اضغط هنا للتنزيل
بسم الله الرحمن الرحيم
فقد ورد سؤال لمجلس الأئمة بشأن حرق جثة المسلم بسبب فيروس كورونا
الجواب
إن الله عز وجل كرم الإنسان حيا وميتا، فقال: {ولقد كرمنا بني آدم}، ولذلك لا يجوز امتهان الإنسان أو الإساءة إليه ولو كان ميتا.
ومِن المُقَرَّرِ شرعًا وفطرة في الدين الإلهي الذي ورثناه عن إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم السلام استجابة لتكريم الإنسان أنَّ دَفنَ الميت فيه تكريمٌ للإنسان؛ وقد علم الله ابن آدم دفن أخيه فقال: {فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين}. المائدة: 31
وقد حَثَّ الإسلامُ على دفن الميت، وأَجمَعَ العلماء على أنَّ دَفن الميت ومُوَارَاةَ بَدَنِهِ فرضُ كِفَايَةٍ؛ إذا قام به بَعضٌ مِنهم أو مِن غيرهم سَقَط عن الباقين.
ومن الثابت أيضا أنه لا يجوز حرق جثة الميت لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (كسر عظم الميت ككسره حيا). رواه ابن ماجه وأبو داود وابن حبان في صحيحه. وحرمة الميت كحرمة الحي، قال الإمام ابن حجر العسقلاني: "يستفاد منه أن حرمة المؤمن بعد موته باقية كما كانت في حياته". ويقول الإمام المناوي في: "(كسر عظم الميت) المسلم المحترم (ككسر عظم الحي في الإثم) لأنه محترم بعد موته كاحترامه حال حياته".
فكما لا يجوز كسر عظمه لا يجوز حرقه، لأن حرقه ميتا كحرقه حيا، وهذا من باب التحذير الشديد من الاعتداء على جسد الميت او الإساءة إليه أو امتهانه باي شكل من الأشكال، وخاصة فإن حرق جثة الميت لا تتفق مع كرامة الميت في الإسلام.
وفي حال كثرة الأموات بسبب الحروب أو الأمراض أو الكوارث الطبيعية وتعذر دفنهم في قبور فردية، ولكن هناك إمكانية وقدرة لدفنهم في الأرض فيجب ذلك، ويجوز دفنهم في مقابر جماعية مع الحفاظ على كرامة الأموات. وثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام في غزوة أحد كان يدفن الرجلين والثلاثة في قبر واحد. ويكون بعضهم إلى جنب بعض ويوجهون إلى القبلة إن أمكن، وذكر الفقهاء أنه ينبغي أن يجعل بين كل اثنين حاجز من تراب كل ذلك بحسب الإمكان.
ومن المقرر تكريم الميت حتى عند حمله وأثناء تشييع الجنازة وأن يكون ذلك برفق، جاء في صحيح الإمام البخاري عن عطاء قال: حضرنا مع ابن عباس جنازة ميمونة بسرف فقال ابن عباس هذه زوجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإذا رفعتم نعشها فلا تزعزعوها ولا تزلزلوها وارفقوا".
أسأل الله أن يرحم موتانا وأن يسكنهم فسيح جناته وأن يرزق ذويهم الصبر والثواب.